التاجر العربي

نحت من القرن العاشر ق.م. يصوّر ركوب الجمال
واستخدامها في تجارة القوافل

قد يكون هذا النحت الذي عُثر عليه في تل حلف، شمال سوريا، أحد أقدم الشواهد الأثرية الآشورية التي تصوّر ركوب الجمال واستخدامها في تجارة القوافل العربية. وهو نحت بارز يمثّل جملاً يقوده أحد التجار، صُنع من حجر جيري يعلوه طلاء أحمر، ويؤرّخ بالقرن العاشر ق.م. أي أثناء العصر الحثّي/الحوري الحديث.
تم اكتشافه بين عامي 1911- 1913، وكان في الأصل من مجموعة أوبنهايم. وهو الآن في معرض والترز بالتيمور، الولايات المتحدة.

***

عَثر على هذا النحت ماكس فون أوبنهايم في رحلته التنقيبية بين 1911-1913، ووجده في الجزء السفلي من الجدار الخارجي لمعبد الملك كَبَرا في غوزانا، تل حلف – شمال سوريا، ضمن أطلال عاصمة دويلة مستقلة صغيرة عُرفت باسم غوزانا لدى الآشوريين الذين بسطوا نفوذهم عليها في أواخر القرن التاسع ق.م. كما عُثر على أكثر من مائتي نقش بارز من هذا النوع تزين واجهة قصر معبدي بُني في القرن العاشر ق.م. من قبل حاكم محلي يُدعى كَبَرا بن هديانُ Kabara son of Hadyanu. وكان قد أعاد استخدام كتل حجرية من مبنى آخر أو أكثر، ونقش نقشاً مسمارياً على كل منها ينص على “قصر كَبَرا بن هديانُ”. ووُضعت الكتل الحجرية الجيرية بحيث تتناوب الكتل المطلية باللون الأحمر مع كتل أخرى من البازلت الأسود. وفي حين رُسمت صور البشر بأسلوب محلي أقل تعقيداً، فإن الكثيرمن نقوش الحيوانات، مثل الماعز، ربما صُمّمت على غرار قطع منحوتة بدقة أكثر عُثر عليها في الموقع، وهي من العاج المستورد من شمال سوريا والمدن الفينيقية.
من المعروف أن استئناس الجمل يعود إلى بداية الألفية الأولى ق.م. وهذا ما جعل تجارة القوافل ممكنة على امتداد شبه الجزيرة العربية وأطرافها، وفي صورة هذا النحت يجلس تاجر قوافل عربي على سنام جمل، ويحثه على السير بعصا، وتربط السرج أشرطة متقاطعة بإحكام. الرقبة المنحنية والجسم المستدير والخفاف غير المتساوية تعيد خلق الإحساس بالاهتزاز الذي يشعر به الجمل أثناء الحركة.

أُرسل النحت إلى الولايات المتحدة حيث بيع هناك، واستقر منذ عام 1944 في بالتيمور، بمتحف والترز للفنون، 1944. ليُعرض بعد ذلك أكثر من مرة. من بينها معرض أقيم عام 1978 تحت عنوان “البحث عن كنز قديم: 40 عاماً من جمع التحف”. بمعرض والترز للفنون، وأعيد عرضه عام 2008 في معرض “وجوه الجزيرة العربية القديمة: مجموعة جيرو وكارولين فوستر للفن العربي الجنوبي”، بالمتحف نفسه.

تعريف بالآثاري ماكس فون أوبنهايم

كان البارون ماكس فون أوبنهايم (1860 – 1946) محامياً ألمانياً ودبلوماسياً ومؤرخاً وعالم آثار ومناصراً لانتشار الإسلام. وهو من أسرة أوبنهايم المصرفية.
بعد أن تخلى عن حياته المهنية في الدبلوماسية، اكتشف موقع تل حلف عام 1899 وأجرى حفريات هناك في الفترة من 1911 إلى 1913، ثم مرة ​​أخرى في الفترة من 1927 إلى 1929. ونقل الكثير من مكتشفاته إلى برلين حيث عرضها هناك في متحف خاص (متحف تل حلف) عام 1931. وقد دُمّر هذا المتحف أثناء قصف الحلفاء ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك، تم ترميم معظم الاكتشافات وعُرضت مرة أخرى في برلين وبون.